![]() |
طريقة تقديم تقليدية لبوليو إيه لا برازا في المطبخ البيروفي |
مقدمة
عندما نتحدث عن المطبخ البيروفي، يتبادر إلى أذهان الكثيرين طبق بوليو إيه لا برازا (Pollo a la Brasa)، أو ما يمكن ترجمته إلى "الدجاج على الجمر". هذا الطبق لم يعد مجرد وجبة تقليدية في بيرو، بل أصبح رمزًا وطنيًا، يحتل مكانة خاصة على موائد العائلات ويجذب ملايين السياح الذين يبحثون عن تجربة مذاق أصيلة. فما سر هذه الشهرة؟ وما الذي يجعل دجاجًا مشويًا يتجاوز حدود بلده ليصبح طبقًا عالميًا؟
---
أصل الطبق وجذوره
ظهر طبق بوليو إيه لا برازا في منتصف القرن العشرين، عندما بدأ بعض الطهاة في بيرو بتجربة طرق جديدة لشواء الدجاج. تم تطوير تقنية خاصة تعتمد على تتبيلة غنية بالأعشاب والبهارات، يليها طهو الدجاج على الفحم أو الأخشاب. هذه الطريقة لم تضف فقط طعمًا مدخنًا مميزًا، بل ساعدت على جعل اللحم طريًا من الداخل ومقرمشًا من الخارج.
مع مرور الوقت، تحوّل الطبق من وجبة عائلية إلى عنصر أساسي في المطاعم، خصوصًا في العاصمة ليما. واليوم، هناك سلاسل مطاعم متخصصة بالكامل في تقديم هذا الدجاج الشهي.
---
مكونات التتبيلة السرية
السر وراء لذة بوليو إيه لا برازا يكمن في التتبيلة التي تمزج بين المطبخ البيروفي التقليدي والتأثيرات العالمية. عادةً ما تشمل التوابل المكونات التالية:
الثوم الطازج: يضيف قوة ونكهة حادة.
الكمون: يمنح الطبق طابعًا دافئًا وأرضيًا.
الفلفل الأسود: يوازن النكهة ويزيد من حدّتها.
البابريكا (الفلفل الأحمر المطحون): يضيف لونًا رائعًا ونكهة مدخنة.
إكليل الجبل أو الزعتر: لإضفاء لمسة عطرية.
صلصة الصويا: عنصر مفاجئ مستورد من المطبخ الآسيوي، يعطي عمقًا وملوحة متوازنة.
الخل أو عصير الليمون: لمسة حامضة تساعد على تطرية اللحم.
يُترك الدجاج في هذه التتبيلة لساعات طويلة، وأحيانًا طوال الليل، حتى تتغلغل النكهات في الداخل.
![]() |
طبق بيروفي أصيل يجمع بين النكهات المدخنة والبهارات الغنية |
---
طريقة الطهو التقليدية
يتم طهو بوليو إيه لا برازا في فرن خاص يُسمى "روتيزادو"، يعمل بالفحم أو الحطب. يوضع الدجاج على سيخ دوار، مما يسمح للحرارة بتوزع متساوٍ ويجعل الجلد مقرمشًا. هذه التقنية تشبه إلى حد ما الشواء التركي أو العربي، لكنها تحتفظ بخصوصية بيروفية واضحة بفضل التتبيلة.
اليوم، حتى مع انتشار الأفران الكهربائية والحديثة، يظل الطهو على الفحم الطريقة الأكثر أصالة، لأنها تمنح الطعم المدخن الذي لا يمكن تقليده بسهولة.
---
الأطباق الجانبية
لا يُقدَّم بوليو إيه لا برازا بمفرده، بل ترافقه مجموعة من الأطباق الجانبية التي تُكمل النكهة:
البطاطس المقلية المقرمشة: عنصر لا غنى عنه في بيرو.
السلطات الطازجة: مثل سلطة الخس، الطماطم، والبصل الأحمر.
صلصة أجِي (Ají): صلصة حارة تعتمد على فلفل الأجي الأصفر البيروفي، تضيف حرارة فريدة.
أحيانًا يُضاف الأرز الأبيض كخيار جانبي لإشباع أكبر.
هذه المكونات تجعل الطبق متوازنًا بين البروتين، النشويات، والنكهات المنعشة.
---
الطبق كرمز ثقافي
في بيرو، يُحتفل سنويًا بـ "اليوم الوطني لبوليو إيه لا برازا" في الأحد الثالث من يوليو. خلال هذا اليوم، يستهلك ملايين البيروفيين أطنانًا من الدجاج المشوي في المطاعم والبيوت. هذا الاحتفال يؤكد مكانة الطبق كجزء من الهوية الوطنية، مثلما يمثل الكسكس في المغرب أو الباستا في إيطاليا.
---
الانتشار العالمي
لم يبقَ بوليو إيه لا برازا حكرًا على بيرو. بفضل الهجرة البيروفية، انتشر الطبق إلى الولايات المتحدة، أوروبا، وحتى بعض الدول العربية. في مدن مثل نيويورك وميامي، توجد مطاعم متخصصة فقط في هذا الطبق، حيث يجتمع عشاق الطعام لتذوق النكهة الفريدة.
هذا الانتشار لم يكن فقط بسبب المهاجرين، بل أيضًا بفضل السياح الذين تذوقوه في بيرو وأرادوا إعادة التجربة في بلدانهم.
---
قيمته الغذائية
بعيدًا عن النكهة، يُعتبر هذا الطبق خيارًا متوازنًا غذائيًا:
غني بالبروتينات من الدجاج.
يحتوي على دهون صحية (خصوصًا عند استخدام زيوت نباتية في التتبيلة).
البطاطس والسلطة تمنحان توازنًا بين الكربوهيدرات والألياف.
ومع ذلك، يجب الاعتدال في استهلاكه، خصوصًا مع البطاطس المقلية، للحفاظ على التوازن الصحي.
---
بوليو إيه لا برازا ولمسة مغربية
كشاف مغربي، يمكن أن نضيف لمسة خاصة لهذا الطبق لتقريبه من أذواقنا:
إضافة الزعفران المغربي إلى التتبيلة لزيادة العمق العطري.
استعمال الهريسة المغربية بدل أو مع صلصة الأجي الحارة.
تقديمه مع سلطة مغربية (خيار، طماطم، زيت زيتون) بدل السلطة البيروفية الكلاسيكية.
هذه اللمسات تجعل الطبق يجمع بين روح بيرو وعبق المغرب.
---
خلاصة
إن بوليو إيه لا برازا ليس مجرد دجاج مشوي، بل هو تجربة ثقافية كاملة، تعكس تنوع المطبخ البيروفي وقدرته على المزج بين البساطة والابتكار. من تتبيلته الغنية إلى طهوه على الفحم، ومن طابعه المحلي إلى انتشاره العالمي، يبقى هذا الطبق شاهدًا على قوة المطبخ في توحيد الناس حول مائدة واحدة.
سواء تذوقته في قلب ليما أو جربت إعداده في مطبخك، فإن بوليو إيه لا برازا سيبقى أحد الأطباق التي تترك بصمة لا تُنسى على الحواس.
---
👨🍳 هل جربت دجاج بوليو إيه لا برازا من قبل؟ شاركني رأيك في التعليقات: هل تفضل النكهة الأصلية أم تود تجربته بلمسة مغربية؟