في عالم المذاقات، هناك أطباق لا تتوقف عند حدود الجغرافيا، بل تسافر من ثقافة إلى أخرى، وتعيد اختراع نفسها حسب الأذواق المحلية. من بين هذه الأطباق، تبرز الفيجوادا البرازيلية، وجبة سوداء اللون، عميقة الطعم، وغنية بالتاريخ. وبينما يتذوقها البرازيليون كل سبت بفخر، قرر شاف مغربي أن يُعيد قراءتها بنكهة وطنه، لتولد نسخة جديدة: فيجوادا مغربية الهوى، برازيلية الأصل.
---
ما هي الفيجوادا؟ طبق الفاصوليا الذي يلخّص تاريخ شعب
الفيجوادا (Feijoada) تعني حرفيًا "طبق الفاصوليا"، وهي أكلة برازيلية شهيرة، تعتمد على الفاصوليا السوداء واللحوم (خصوصًا لحم الخنزير)، تُطهى لساعات طويلة حتى تمتزج النكهات وتصبح الوجبة ثقيلة، غنية، ومشبعة.
يُقال إن الفيجوادا نشأت في زمن العبودية، حين كان العبيد يُمنحون بقايا اللحوم، فيمزجونها بالفاصوليا المتوفرة، ويطهونها لإعداد طبق دسم يقاومون به مشقة الحياة.
---
شاف مغربي في ريو: لقاء أول مع طبق الفيجوادا
كان الشاف المغربي سعيد من مدينة مكناس يشارك في مهرجان دولي للطهي في مدينة ريو دي جانيرو. خلال إحدى الجولات، دعاه صديقه البرازيلي لتذوق "الفيجوادا الأصيلة". جلس الشاف في مطعم تقليدي، وتناول أول ملعقة.
قال مبتسمًا:
> "مذاق قوي... لكنه يفتقر للتوازن. عندنا في المغرب، كل نكهة عندها مكانها، ماشي غالبة على الأخرى. هنا، الفاصوليا واللحم تايصارعو!"
ومن هناك بدأت الفكرة: لماذا لا يُعد الفيجوادا بروح مغربية، دون أن يفقد جوهره البرازيلي؟
---
إعادة تشكيل الطبق: فيجوادا مغربية النكهة
قرر الشاف أن يُبقي على الفاصوليا كمكون رئيسي، لكنه استبدل لحم الخنزير بلحم البقر والخروف، وأضاف تشكيلة توابل مغربية تمنح التوازن، العمق، والرائحة.
---
المكونات المغربية المقترحة:
400غ فاصوليا سوداء (منقوعة 12 ساعة)
300غ لحم غنم بالعظم
بصلة متوسطة مفرومة
فصان من الثوم مهروس
ملعقة زيت الزيتون
رشة زنجبيل
نصف ملعقة كركم
ملعقة صغيرة قزبر يابس
ربع ملعقة كمون
ملح، إبزار، فلفلة حمراء حلوة
ماء للطهي
ورق غار (اختياري)
---
طريقة التحضير:
1. يُشحر البصل والثوم في زيت الزيتون حتى يذبل.
2. يُضاف اللحم والتوابل، ويُقلب حتى تتشرب النكهات.
3. تُضاف الفاصوليا المنقوعة والماء الكافي.
4. يُطهى الخليط على نار هادئة (أو في طنجرة الضغط لمدة 40 دقيقة).
5. تُقدم الفيجوادا مع الأرز الأبيض أو خبز الدار.
---
التقديم المغربي: خبز، زيت بلدي، وبرتقال!
بينما يُقدم البرازيليون الفيجوادا مع الكرنب والبرتقال والأرز، فضّل الشاف المغربي تقديمها مع:
خبز الشعير المغربي
زيت الزيتون الحر
شرائح برتقال (لتوازن الدسم بالحموضة)
شوية هريسة حارة لمن يحب الحرارة الشرقية!
---
النتيجة: طبخة تمزج بين الجنوب الأمريكي وشمال إفريقيا
النكهات المغربية غيّرت ملامح الفيجوادا:
الزنجبيل أضاف دفئًا منعشًا
القزبر والكمون خلقوا مزيجًا عطريًا فريدًا
زيت الزيتون منحها لمعة وذوقًا أرقى
اللحم الحلال جعلها مناسبة للجميع
أصبحت الفيجوادا وجبة عالمية الهوية، برازيلية الشكل، ومغربية الروح.
---
لماذا هذه النسخة مهمة؟
لأنها:
تُظهر مرونة الطبخ كمجال إبداعي
تكسر الحواجز بين الشعوب
تُقدّم وصفة برازيلية بشكل مناسب للمسلمين
تُعيد تقديم طبق تقليدي بطريقة مبتكرة دون أن تُفقده أصله
---
أطباق أخرى تقدر تمزج فيها بين الثقافات:
الكيمتشي الكوري + الكسكس = سلطة حامضة حارة
البيتزا الإيطالية + الطاجين = عجينة مع حشوة مغربية
الشوربة التايلاندية + الروز بالحليب = مقبلات آسيوية-مغربية
> الطبخ لغة لا تحتاج إلى ترجمة، فقط إلى نية صافية ومذاق متوازن.
---
![]() |
"وجبة فيجوادا غنية بالفاصوليا السوداء واللحم، مقدّمة بأسلوب مغربي تقليدي." |
اكتشف وصفة الكسكس التقليدي المغربي
المطبخ الكوري: البساطة والنار
وصفة شربة العدس المغربية
---
خاتمة: هل تجرب فيجوادا مغربية؟
سواء كنت من محبي الأكلات البرازيلية أو عاشقًا للتوابل المغربية، فإن الفيجوادا الجديدة تستحق التجربة. طبق واحد، بثقافتين، ونكهة تبقى في الذاكرة.
💬 هل تجرؤ على دمج نكهتين من عالمين مختلفين؟ جرب وشاركنا تجربتك في التعليقات!